المادة    
نحن نجزم إذاً بدون أي تردد أن ما شوّه به هؤلاء المشوهون في الكتب المحرفة لا حقيقة له، لا من حيث النسب القديم له, ولا من حيث ما تعرضوا به من شأن أمه وقصة أورويا الحثي، ولا أيضاً من جهة مملكته والانحراف والفساد الأخلاقي الذي كان فيها، فكل هذا باطل.
ونجزم أيضاً بأن ما نسب إليه عليه السلام من أنه مال بقلبه إلى الأجنبيات الوثنيات, وأصبحت الأصنام تعبد في بيته؛ نجزم بأن هذا أيضاً لا يمكن أن يصح بأي حال من الأحوال؛ لأن القضايا عندما تتناول القطعيات والأساسيات المحكمات فإنا لا ننظر إلى الروايات إن كانت كتابية, وإن كانت غير كتابية؛ لأن هذه من الأمور التي عصم الله تبارك وتعالى منها أنبياءه جميعاً, وبيّن ذلك وفصله, ونحمد الله على ذلك.
فيكف ولدينا الخبر الصريح الصادق بالوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، عن هذه القصص جميعاً, وعن هذه الأحوال جميعاً, وعن توحيد الله تبارك وتعالى، ودعوة سليمان عليه السلام إليه, ودعوته الناس أن يدخلوا في الإسلام, ومنهم أهل اليمن ، وعن تسخير كل ما أوتي من ملك واستخدامه في طاعة الله تبارك وتعالى وفيما يقرب إليه، هذا هو المنهج المقتدى به, وهذه هي النبوة في معانيها السامية الكريمة وأخلاقها الفاضلة التي يدعو إليها الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا جميعاً بما نسمع وما نقول، وأن يجعل للمسلمين وللعالم أجمع العبرة والعظة فيما يقال عن هؤلاء الأنبياء؛ بأن يأخذوا ما قيل في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم، وأن يلغوا كل ما يخالف ذلك ويشوهه من الكتب المحرفة, أو من أفكار الفلاسفة الذين يدّعون أن النبوات مكتسبة وأشباههم, أو من كلام الماديين والملحدين الذين ينكرون النبوة من أساسها.
نسأل الله تبارك تعالى أن يهدينا جميعاً إلى صراطه المستقيم, وأن يجعلنا نعظم ما عظم, ونوقر ما وقر, ونعزر من عزر.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين, والحمد الله رب العالمين.